GuidePedia

0

بقلم : د  بوعيدة عبد الرحمان
نحترم الموت في رهبته فهو الحقيقة الوحيدة في هذا العالم الفاني و حين تنتقل روح ما إلى بارئها لا نملك إلا أن ندعوا لها بالرحمة لأنها حتما لن تكون محتاجة في العالم الآخر إلا هذه الرحمة التي إفتقدتها في عالم الأحياء.

لكن الروح تذهب و تظل ظلالها سارية تبحث عن الحقيقة،حقيقة موتها خصوصا عندما تكون في ربيعها العشرين.

لن نحاسب القدر فهو من يضع النهايات،لأن لكل أجل كتاب و الكتاب لابد له من سبب و تتعدد الأسباب    و الموت واحد لكنه يختلف أحيانا حين يكون الموت معطى غير طبيعي.

مناسبة هذا الكلام موت الطالب الصحراوي الذي قتل في الرباط في ريعان شبابه،لا ندري إلى الآن أسباب الموت و دوافعها الحقيقية و لن نسبق القضاء و هو وحده المؤهل في البحث عن دوافع الجريمة و حيثياتها،لأن أزمة الإعلام المغربي هو أنه يستبق الأحداث و يصدر أحكامه حتى قبل أن تتوصل الشرطة القضائية إلى الفاعل المادي للجريمة و لدوافعها الحقيقية لأنه في كل حادث عرضي كان أو رئيسي نشتم فيه رائحة الصحراء تتحرك الأقلام و الأحكام الجاهزة للحكم قبل القضاء لتحول الجريمة أيا كانت حادثا عرضيا أو بفعل مدبر إلى مجال للقراءات المتعددة بين انفصال أو سكر أو حتى اندفاع شباب طائش.

الحكم هنا جاهز و التهمة أيضا جاهزة و ما على القضاء إلا أن يقرء الصحف ليصدر حكمه لكن الحقيقة تظل غائبة و على الذين يصطادون في المياه العكرة لقضية الصحراء أن ينتظروا تحقيقات الشرطة القضائية و أحكام القضاء.

نحن كصحراويين ندين العنف سواء كان ممارسا من طرف الدولة أو من طرف الصحراويين أنفسهم،    و لكل فعل رد فعل و لا نتمنى للصحراويين أن يسقطوا في فخ الفوضى و العبث بالممتلكات العامة        و الخاصة،صحيح أن الموت فعل قاس و غير محتمل و لكن التخريب و الترهيب ليس حلا حتى و إن اختلف هؤلاء مع من يوجدون معهم.

التخريب و العنف ليس لغة جيدة لنباركها،الحوار و الإقناع و إثبات الذات هم الآليات الحقيقية لإنتزاع احترام الآخر حتى و إن كان هذا الآخر دولة لا نتفق معها، صحيح أن الموت حادث مفجع،و موت شاب في مقتبل العمر لا يوازيه أي شيء،لكن للقدر أحكامه.نعلم أننا دائما مدانون حتى يثبت العكس حتى و إن كانت البراءة هي الأصل لكن كلمة صحراء تحمل إدانتها في تسميتها و يوم توفي إحدى عشرة شخصا من القوات المساعدة في تفكيك مخيم اكديم إزيك  أقامو الدنيا و لم يقعدوها حتى و إن كان المسؤول عن وفاتهم هو من أرسلهم لتفكيك مخيم بحجم دولة و هم عزل،و مع ذلك لم نتفق مع هذه الموت لأن هؤلاء شباب لا ذنب لهم ،هم ضحايا لتصفية حسابات،و من يستحق أن يحاكم هم مسؤوليهم الذين نعلمهم جميعا .

و الآن لا نريد إدانة لهذه الوفاة نريد  فقط اعترافا أننا كصحراويين مذنبين كنا أو أبرياء نستحق أن تتعامل معنا الصحافة ككل المغاربة الذين يٌقتلون كل يوم و يضربون كل يوم لكن لا تدينهم الصحافة قبل القضاء بالأمس كتب أحدهم أننا صحراويون فايف ستارز و ضاسرين بزاف و كتب آخر أن الطلبة الصحراويون يتقاضون منحة تقدر ب ثلاثة آلاف درهم في الشهر،هؤلاء و غيرهم يثيرون الفتنة و هم المسؤولون الحقيقيون عن هذا الحقد الذي أصبح واقعا بين أبناء الصحراء و الشمال  ،فإلى متى سنظل في هذه اللعبة ؟ أداة للتهكم أحيانا و للإدانة أحيانا أخرى .

رحم الله الفقيد و لذويه الصبر و السلوان أما الخسائر مهما كان حجمها قابلة للتعويض إلا الحق في الحياة حين يصادر بطعنة غادرة من أي فاعل مهما كان فهو الذي لا يقبل التعويض و إنا لله و إنا إليه راجعون.

إرسال تعليق

 
Top